الأضْحِيَة
تعريفها، وقتها، حكمها
- تعريفها: الأضحية هي ما يذبح من النعم تقرباً
إلى الله تعالى.
- وقتها:
من أول أيام عيد
النحر، بعد صلاة العيد، إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، لما روي عن البراء بن عازب
رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة،
فقال (من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة من
لحم) (1)
ويكره الذبح في الليل عامة، وهو في الأضحية أشد كراهة، وإن ضحى قبل
الوقت لم تصح، بلا خلاف، وإن كانت منذورة لزمه أن يضحي وإن فاته الوقت.
- حكمها:
-1 - هي سنة مؤكدة
في كل سنة، في حق الحج وغيره، وطلبها مقيد بكون الفاعل قادراً عليها، فلا تطلب من
الفقير العاجز عنها. وهي سنة مؤكدة على الكفاية، فإن تعدد أصحاب البيت تجزئهم
أضحية واحدة. ودليل سنيتها ما روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "كان النبي
صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين، وأنا أضحي بكبشين" (1) . وحديث أم سلمة رضي
الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن
يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئاً (2) وقوله: (أراد) دليل على أنها سنة لا واجب.
(1) البخاري ج 5/ كتاب الأضاحي باب 7/5233.
(2) مسلم ج 3/ كتاب الأضاحي
باب 7/39.
-2 - واجبة: إذا نذرها، أو عينها، فقال مثلاً: هذه أضحية، أو جعلتها
أضحية، إذ تصبح التضحية بها واجبة يوم النحر، فإذا ماتت التي عينها قبل وقت الذبح،
سقطت عنه، ولا يكلف بذبح غيرها
دليلها:
- الأصل فيها الإجماع قوله تعالى: {فصل لربك
وانحر} (1) أي صل صلاة العيد، وانحر النسك. وما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله عز وجل من
هِراقة دمٍ، وإنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من
الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطِيبُوا بها نفساً) (2) . وقال الشافعي
رضي الله عنه: "لا أسمح لمن قدر عليها بتركها".
__________
(1) الكوثر: 2.
(2) ابن ماجة ج 2/كتاب الأضاحي باب 3/ 3126.
ما يجزئ في الأضحية:
- يجزئ فيها الإبل والبقر والغنم بنوعيه المعز
والضأن، لقوله تعالى: {ليذكروا اسم الله على مار زقهم من بهيمة الأنعام} (1) .
وأفضلها ذكر الجمل أو أنثاه، ويمكن استبدالها بسبع شياه وهي أفضل، ثم البقرة، ثم
الضأن، ثم العنز. ويصح أن يشترك سبعة أشخاص في بدنة أو بقرة. وأفضل ألوانها
البيضاء، ثم الصفراء، ثم الغبراء، وهي التي لا يصفو بياضها، ثم البلقاء، وهي التي
يختلط فيها البياض بالسواد، ثم السوداء، ثم الحمراء، وقيل إن الاعتبار بتفاضل
الألوان مسألة تعبدية، وقد يكون لحسن المنظر أو لطيب اللحم.
__________
(1)
الحج: 34.
شروطها:
-1 - يشترط إن كانت من الإبل أن يكون عمرها خمس
سنين كاملة، وإن كانت من البقر أو المعز أن يكون عمرها سنتين تامتين، أو من الضأن
فسنة ودخلت بالثانية، أو أجذعت مقدم أسنانها، لأنها قد تسقط أسنانها بعد ستة أشهر
وقبل بلوغها السنة. لما رواه جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يَعْسُرَ عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن) (1) .
-2 - ألا تكون
جرباء، ولو قل ذلك، ولا شديد العرج، ولا عجفاء (2) ، ولا عمياء، ولا عوراء ولا
مريضة مرضاً يفسد لحمها، ومعنى ذلك أنها يجب أن تكون سالمة من العيوب، أما قرونها فلا
يضر كونها مكسورة، ولو ذهبت كلها. ودليل ذلك ما روى البراء بن عازب رضي الله عنه
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يجوز من الضحايا العوراء البين
عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي) (3) .
-3 - سلامة الأضحية
من العيوب التي تنقص مأكولاً منها، مثل قطع شيء من أذنها أو لسانها أو ضرعها أو
أليتها، أو شيء ظاهر من فخدها، كما يجب ألا تذهب جميع أسنانها.
-4 - أن ينوي
التضحية بها عند الذبح أو قبله.
-5 - أن يلتزم
الوقت المحدد للذبح.
-6 - يجب التصديق
بشيء من لحمها نيئاً، فيحرم عليه أكلها جميعها، لقوله تعالى في هدي التطوع، ومثله
أضحية التطوع: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} (4) . ولا يصح إعطاء اللحم
مطبوخاً ولا قديداً، ولا يصح أن يجعل طعاماً ويدعى إليه الفقير، لأن حقه في تملكه
لا في أكله. ويفضل للمضحي أن يقتصر على أكل لقم من الكبد ويتصدق بالباقي، ويجوز له
أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث الآخر ويهدي الثلث الباقي إلى الأغنياء (5) ، وفي هذه
الحال يثاب على الأضحية كلاً وعلى التصدق بعضاً. وأقل التصدق قدر أوقيتين من
اللحم، ولا يجوز في نحو الكبد أو الكرش. ولا يكره الادخار من لحمها. ويحرم نقلها
من بلد الأضحية.
-7 - ألا يبيع
شيئاً منها، فلا يجوز إعطاء الجزار جلدها أو شيئاً منها على سبيل الأجرة، ويمكنه
أن يعطيه شيئاً منها أو جلدها، بالإِضافة إلى الأجرة، على سبيل الإهداء.
ويكره لمن يريد
التضحية أن يزيل شيئاً من شعر الرأس وغيره، أو أن يزيل ظفراً، أو يقص شارباً، أو
غير ذلك، في عشر ذي الحجة، حتى يضحي، ولا يكره له الاغتسال، وذلك لحديث أم سلمة
رضي الله عنها المتقدم، وفي رواية من طريق أخرى عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي،
فليمسك عن شعره وأظفاره) (6) فإذا أزال شيئاً من ذلك كره له
والأفضل أن يذبح
المضحي بنفسه إن أحسن الذبح، وإلا كره له ذلك لأن فيه عذاباً للأضحية، فيوكل من
يحسنه، وجوباً، بقوله: وكلتك بذبح أضحيتي. وليحضر ذبحها ندباً، لما روي عن عمران
بن حصين رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة قومي
فاشهدي أضحيتك، فإنه يغفر لك بأول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته) (7) .
ويستحب أن يوجه
الذبيحة إلى القبلة، ويبسمل ويكبر.
__________
(1) مسلم ج 2/ كتاب الأضاحي باب 2/13.
(2) العجفاء: المهزولة.
(3) النسائي ج 7/ص 215، ولا تنقى: التي
لا نقي لها، أي لا مخ لها لضعفها وهزالها.
(4) الحج: 36، والقانع: السائل،
والمعتر: المتعرض للسؤال.
(5) أما المنذورة فلا يجوز أن يأكل منها
شيئاً، ولا أن يطعم منها الأغنياء
وإنما يجب التصدق بها كلها.
(6) مسلم ج 3/ كتاب الأضاحي باب 7/41.
(7)
البيهقي ج 5/ص 239.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar